الحلقة السابعة: لغز ريتا

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

الحلقة السابعة: لغز ريتا

يمر
الوقت سريعاً وماجد مازال مختفياً. وكلما تذكر رعد توصية الطبيب بأن تسافر
والدته لإجراء عملية بأمريكا ورفضها السفر إلا بصحبة ماجد، أخذه التفكير
العميق وراح يتأمل السحب الرمادية وهي تخفي القمر ثم ما تلبث أن تنقشع مثل
أفكاره ويعود مرة أخرى ليفتح بريده الإلكتروني ويحاول مراسلة الدكتور كمال
ليرتب معه إجراءات سفر الوالدة ويستفسر منه عن جماعة المخربين الذين يرجح
أن لهم علاقة بخطف أخيه.
لاحظ رعد وجود نفس رسالة التهنئة المتحركة
التي أرسلت له منذ بضعة أيام ولكنه لم يفتحها هذه المرة، فربما تكون
محاولة من أحد المخربين لاختراق جهازه. وأثناء قيامه بإلغاء الرسالة خطرت
له فكرة جديدة فقام على الفور وراح يدور في غرفته وهو يدرسها جيداً ويخرج
إلى شرفته الضيقة ليتطلع مرة أخرى إلى القمر الذي بدا له هذه المرة بدراً
صافياً. ثم ردد في نفسه:





رعد: إذا
تمكنت من بيع موقعي على الإنترنت بأقصى سرعة ربما استطيع توفير المبلغ
الذي طلبه الخاطفون وفي هذه الحالة أنقذ أخي ونبدأ سوياً من جديد في إنشاء
موقع آخر.. نعم.. هذا هو الحل الوحيد لإنقاذه فترضى الوالدة أن تسافر.
ثم
عاد سريعاً إلى حاسوبه واختار موقعه من المفضلة. لكنه أحس ببطء شديد في
فتح الصفحة الرئيسية فاتسعت عيناه عندما وجد موقعه قد تم تخريبه وتغير لون
صفحته الأخضر إلى لون أحمر كتب عليه عبارة "الوقت بدأ ينفذ .. مع تحيات
صاحبة الوردة السوداء" وأسفل النص صورة كبيرة لجمجمة. لم يصدق رعد نفسه
وهو يقرأ التهديد. كيف تمكنوا من اختراق موقعه بهذه البساطة ؟! غير أنه
تأكد أن هناك علاقة أكيده بين مخربي الموقع والمختطفين. أراد رعد أن يتحدث
مع شخص لكي يبث له شكواه وحتى لا يتسبب حزنه بإصابته بالأمراض. فأتصل
بجاره عقيل واخبره انه سيزوره حالا.
بدا عقيل مسترخياً كعادته وهو يصغي
لرعد ويزيل من عينيه آثار النوم ثم هدأ من روعه وذهب لإعداد كوبين من
الشاي الأخضر الذي يفضله. وأثناء انتظاره وقعت عين رعد على إطار صورة
لفتاة شقراء وكانت المرة الأولى التي يتدخل فيها في أمر لا يخصه، فسأل
عنها عقيل وهو يتذوق الشاي.
عقيل: لا تهتم بشأنها..
إنها فتاة أمريكية من أصل لبناني تدعى ريتا. تعرفت عليها من خلال الإنترنت
فأرسلت لي صورتها على الفور بالرغم أنني لم أطلب ذلك.
رعد: لكن لا يجوز لك هذا – عزيزي - كمسلم.. ومن الخطأ أن تقوم بملاحقة الفتيات على الإنترنت ثم تقوم بطباعة صورهن وعرضها هكذا.
عقيل:
لست محترفاً ولكنها المرة الأولي التي أقوم بهذا بسبب الملل. فكما تعرف
إنني أعيش بمفردي ولا أجد عملاً منذ تخرجي في كلية العلوم. لا أجد من أشكو
له إلا الجدران.
رعد: أنت في منزلة أخي ماجد.. أنصحك
بأن تقوم بالتخلص من هذه الصورة وعدم مراسلة صاحبتها. فالإنترنت بيئة خصبة
للكذب والخداع والوقوع في المحظورات. وأؤكد لك أن هذه الصورة لا تخصها
وربما كانت امرأة مسنة أو دميمة كيف تتأكد من هويتها؟!
عقيل: إنها فتاه وحيدة مثلي وتسكن في ولاية تكساس وهوايتها المفضلة تكوين الصداقات خاصة باستخدام موقع الفيس بوك [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
رعد:
لا أريد أن أخيفك ولكن انتبه فمثل هذا النوع من الصداقات يكون وراءه غرض
لا تتخيله. من يعلم فربما كانت جاسوسة من دولة معادية أو محتالة تريد
التقرب منك لطلب الأموال بأي حجة كانت. كأن تقول لك إنها وحيدة ولا تعمل
ولا تعرف كيف تسدد تكاليف بيتها المستأجر وإنها مهددة بالطرد إذا لم تسدد
مبلغ كذا وكذا.
عقيل: لا تظنني ساذجاً إلى هذا الحد حتى تخدعني مثل هذه.
رعد:
كل الشباب الذين عرفتهم قالوا لي نفس تلك المقولة ولكن بعضهم صارحني بأنه
قام بإرسال أموال إلى هؤلاء المحتالات. تريد أن تقوم بعمل الخير؟ إذا ادخل
على مواقع الجمعيات الخيرية في المملكة - وما أكثر مواقعها - على
الإنترنت. ستجد هناك من يستحق حنانك من الأيتام والمحتاجين.
عقيل (ضاحكاً): ولم لا اختبرها أنا وأطلب منها المال؟
رعد (شارداً) : لم تقل لي رأيك في مشكلتي.
عقيل: أفضل أن تترك كل الموضوع للشرطة فهم محترفون في تعقب المجرمين. حاول أن تسترد موقعك من المخربين.
رعد:
المشكلة أن الموقع يفقد مصداقيته وثقة الناس فيه بمجرد اختراقه. فمن الذي
يرضى أن يدفع لي ثمن الوجبات الغذائية باستخدام كروت الائتمان لموقع تم
اختراقه؟!
عقيل: لا تكن متشائماً هكذا. ولكن كيف اخترقوا موقعك؟
رعد:
أولا لابد أن تعلم أن شن الهجمات الإلكترونية على المواقع أو الأنظمة
الحاسوبية والشبكات التي تُخزن فيها المعلومات وتنتقل عبرها له ثلاثة
عناصر هي وجود الدافع ووجود طريقة لتنفيذ الهجوم ووجود الثغرات
"Vulnerability" .
عقيل: عظيم جدا.. رائع.. لم أفهم شيئاً!
رعد:
المهم أن الدافع موجود وهو الحصول على المال وأن المهاجم لن يتمكن من شن
هجوم ناجح ما لم يكن لديه خطة واضحة لطريقة هجوم تحقق الغرض و ربما كان
هناك بعض نقاط الضعف والثغرات في تصميم موقعي ولكن هذا الاحتمال ضعيف،
فهناك مخترقون محترفون يتبعون مثل هذه الأشياء وآخرون غير محترفين وهم
أحيانا الأشد خطراً. لكن في جميع الأحوال علي أن أعرف طريقة الهجوم والخطة
التي تم تنفيذها. أرجح أن يكون المخربون قد حصلوا على كلمة السر بطريقة ما
وقاموا بتغيير صفحة البداية. لكني أتعجب.. من الذي أفشي كلمة السر لهم..
لم يحدث أن قلتها لأحد باستثناء سارة وربما ماجد عندما أردت أن أصلح
بينهما.. آه.. لا أتذكر.
رن جوال رعد في هذا الوقت المبكر من الصباح.. لابد أن يكون هذا الاتصال قادم من أمريكا.
رعد: الدكتور كمال.. أهلا.. حاولت الاتصال بك عدة مرات.
كمال: نعم وجدت رقمك بالفعل ولكن اعذرني أن أقول لك أنكم تتصرفون بشكل خاطئ بسبب إصراركم على تأجيل الزواج.
رعد: أمهلني قليلاً كي أوضح لك الصورة أكثر..
كمال: هل ترضى أن تغلق أختك السماعة أثناء محادثتي لها؟!
رعد:
أعتذر لك ولكن مشاكلنا جعلتها متوترة. دعني أسألك عن معلوماتك عن مجموعة
مخترقين. هل سبق لك وأن سمعت عمن تلقب نفسها بصاحبة الوردة السوداء؟
كمال: نعم.. هذه المرأة خطيرة للغاية وهي تتزعم عصابة تقوم بابتزاز الناس مقابل الحصول على الأموال بأي طريقة.
رعد: هل سبق وقاموا باختطاف أحد والمساومة عليه؟
كمال: أظن أنه حدث شيء مثل هذا في ولاية تكساس معقل ريتا.
رعد: ماذا قلت؟! ريتا!
كمال: أجل.. ريتا هي صاحبة الوردة السوداء وهي أمريكية من أصل لبناني ولها نشاط كبير على الفيس بوك. فتقوم باصطياد ضحاياها ببراعة.
رعد: حسناً.. سأتصل بك في وقت لاحق.. مع السلامة.
وهنا أدرك رعد أنه بدأ في فهم بداية اللغز. فالصورة التي توجد في بيت عقيل هي لصاحبة الوردة السوداء ولابد أن يتواصل معها بنفسه.
رعد: عقيل.. أعطني البريد الإلكتروني الخاص بريتا هذه.
عقيل (ساخراً): تنصحون الناس وتنسون أنفسكم. خيرا إن شاء الله يا رعد.. لماذا تريد التواصل معها؟!
رعد: سأحكي لك لاحقاً.. هيا.. إنني في غاية الشوق لها.
عقيل: لا.. إنني سأعمل بنصيحتك ولن أعطي أحداً بياناتها..
خرج
رعد غاضباً وعاد لشقته وهو يفكر كيف يقنع عقيل بمطلبه وفي الوقت نفسه لا
يكشف عن هويته كمساعد للشرطة في قضايا الأمن المعلوماتي. وتساءل كيف يمكن
للمرء أن يقول الشيء ونقيضه في نفس الوقت ويطلب من غيره أن يصدقه في
الحالتين، بالرغم من كونه على صواب؟!
عادت العمة نورا للمنزل ولم تسلم
على رعد بالرغم من جلوسه في مواجهة باب الشقة، بل دخلت مباشرة إلى حجرة
الوالدة فوجدت جبهتها تميل للاحمرار وأمسكت يديها فوجدت درجة حرارتها
مرتفعة جداً. وبعد استعلامها من سارة عن حالة الوالدة ليلة أمس.قررت أن
تستدعي الإسعاف فوراً. وبعد عشر دقائق وصلت سيارة الإسعاف وتم نقلها
سريعاً للمستشفي.
انخرطت سارة في البكاء بينما وقف رعد وأخذ يربت على كتفها قائلاً:
رعد: خيرا إن شاء الله.. الوالدة تعاني منذ فترة من الارتفاع في ضغط الدم. ليست المرة الأولى.
خرج
الطبيب مسرعاً من غرفة العناية المركز وأشار للعمة نورا بأن تتبعه. يريد
أن يقول لها شيئاً هاماً عن حالة الوالدة الصحية على انفراد.