[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] التفت
ماجد وقد بدأ شاحباً وقال لزميله
صلاح وهو يحرك ما تبقى من القهوة في كوب زجاجي صغير:
ماجد: بدأت أتأكد أن ما نقوم بفعله يعد من أكبر الأخطاء في حياتنا.
صلاح: لا.. لا تقل لي أنك تود الانسحاب من المسرحية قبل أن تعطينا نصيبنا.
ماجد: وماذا سينفعني المال إذا خسرت أسرتي وعلمت أمي بما فعلت؟
صلاح:
لن نخطط معك أي شيء. أنت الذي خططت وقررت ونحن نساعدك فقط لكوننا زملاء
منذ الدراسة ولا تنسى أنك وعدتنا بثلث المبلغ في حالة نجاح العملية.
ماجد (منزعجاً):نعم قلت هذا. ولكن أمي جاءتني في المنام وقامت بتغطيتي من البرد تماماً
كما كانت تفعل كل ليلة قبل مرضها.. اسمع يا صلاح إنني قررت أن ننهي هذه
المسرحية الهزلية فوراً. نعم سأعود لإخوتي وأساعدهما في علاج الوالدة.
صلاح: هكذا قررت بكل بساطة يا زعيم! أين حقوقنا؟
نحن الذين رسمنا لك خطة الخداع كاملة وقمنا بإرسال رسائل البريد
الالكتروني التهديدية وسهرنا حتى نقوم بالتجسس على أخوك. سنستمر للنهاية
حتى إذا قررت الندم والعودة لهم. أنسيت يا ماجد ماذا قلت لنا عندما تعجبنا
في بداية الأمر لفكرتك؟ أود أن أذكرك بأن أخوك ظلمك كثيراً في توزيع تركة
الوالد وقام بإنشاء موقع شهير على الإنترنت والمفترض أن تكون أنت صاحب هذا
الموقع لأن جزء كبير من المبلغ الذي صرف على إنشاءه هو مالك، وهو نفس قيمة
المبلغ الذي طلبناه من أسرتك في تهديدنا الأخير. أنسيت كل هذا؟!
ماجد (بتأثر):لا يا صاحبي لم انس، ولكن كانت الوالدة تقول لي إن هذا المبلغ كان وصية
كتبها أبي لرعد لأنه سيكون عائل الأسرة بعد وفاته وهو يثق في رجاحة عقله.
صلاح:
دعك من هذا التبرير الخادع. أتذكر أيضاً إنك قلت لنا أن والدتك تفضل أخويك
عنك وانك لم تعد قادرا على تحمل المزيد من العبء النفسي بسبب ذلك؟
ماجد:
لا تفتح لي صفحات قديمة قررت أن أطويها بكل ما فيها من أحزان. صلاح.. إن
كنت صديقي بصدق فساعدني في محنتي.. ساعدني على العودة للمنزل ورعاية أمي
المريضة حتى إذا قلت لكما إنني سأستمر في هذه الجريمة حتى نهايتها.
صلاح:
جريمة؟! أولاً المؤمن لا يخلف الوعد وأنت وعدتنا بخمسين ألف دولار وصدقناك
ورسمنا مستقبلنا على هذا الأساس. إني سأتعاقد مع أحد الزملاء على افتتاح
شركة لبيع الحواسيب المحمولة ونظمت كل أموري على هذا الأساس. ثانياً الوقت
ليس في صالحنا.. لقد أبلغ رعد الشرطة.. صحيح أننا نستأجر منزلاً بعيداً لا
يخطر على بال أحد ولكن من يعلم فقد يصلوا إلينا.
ماجد: صحيح أن المسلم لا يخلف وعده ولكنه أيضاً لا يسرق. أطمئن فملف القضية سيغلق طالما عفت عنا الأسرة.
صلاح: ما زلت أخشى تغيير الفكرة.. نحن لا نسرق أحداً.. إنه حقك افهم يا غبي. لا تصدق أن هناك وصية كتبها أبوك.. هل رأيتها بعينيك؟
ماجد: لا.. ولكن رأيت ما هو أفضل منها.. رأيت أمي في المنام.. إنها تحبني يا صلاح.. إنها تحبني!
صلاح:
لا ادري ماذا حدث لك يا زعيم.. ربما شاهدت فيلما عربيا مؤثرا.. يجب عليك
أن تفكر جيداً، كيف سيغير مبلغ كهذا مجرى حياتك وحياتنا ويحقق لك حلمك في
الهجرة لأمريكا والعمل هناك.
ماجد: أشعر بصداع ودوار.. أين سلطان؟
صلاح:
يحاول كالعادة اختراق حاسوب أخيك.. فبعد أن أكتشف رعد أن هناك ملفا للتجسس
قام على الفور بتحديث برنامج مكافحة الفيروسات ثم أحبط محاوله سلطان
للتجسس عليه. ولكنه هذه المرة سيجرب طريقة جديدة يستدرج بها رعد لكي يقوم
بإنزال برنامج غير قانوني من خلال موقع البرامج المجانية وسيشترط عليه أن
يوافق على سؤال معين لكي يتمكن من تحميل البرنامج.
ماجد:
أنتم لا تعرفون رعد جيداً.. أراهنكم أنه سيعرف خدعتكم بسهولة لان الموافقة
على هذا السؤال بلا مبالاة سيعطي لسلطان الضوء الأخضر لعمل ما يريده في
جهازه من قراءة ملفاته أو إنزال برامج خبيثة تجسسية فيه أو جعل جهازه يبدو
مثل كوبري، لتنفيذ هجمات على أجهزة أخرى.. أتشك في أنه يعرف برمجيات
الأكتف إكس "ActiveX Controls"؟
صلاح: لابد لسلطان أن
يستغل ثقة الناس في تقنية شركة مايكروسوفت المتقدمة لتوزيع البرامج عبر
الإنترنت ولربط مكونات التطبيقات المختلفة مثل عرض تطبيقات مايكروسوفت
أوفيس "Microsoft Office" على الإنترنت ويمرر من خلالها ملفه التجسسي.
ماجد:
أعرف كل هذا ولكني أقول لكم أن وقتكم سيضيع مع رعد تحديداً.. فرعد لا يثق
كثيراً ببرمجيات الأكتف إكس هذه وبالتالي لا تتوقع أنه سيجيب على السؤال
الذي سيضعه له سلطان من الأساس. كما إنه يقوم بتعطيل برمجيات الأكتف إكس
للحصول على مستوى أمني مرتفع وإن كان يضحي ببعض الخدمات التي تقدمها
المواقع. وخبراء أمن المعلومات يعرفون جيدا أنه في الغالب تكون البرمجيات
غير الموقعة مضرة.
صلاح: مازال الصداع موجود؟
ماجد: نعم هذا ثالث فنجان من القهوة ومعه الدواء ولا فائدة.
صلاح: كثرة التفكير هي السبب.. كما قلت لك دع الأمر لنا وعندما تحصل على المال اصرفه على رعاية أمك.
ماجد: ومن أين سيأتي رعد بالمال وأنتم هاجمتم موقعه على الإنترنت. كيف سيتمكن من بيع موقع تم قرصنته؟!
صلاح: لا تنسى أنك كنت معنا خطوة بخطوة وأنت الذي أرشدتنا على كلمة المرور.
ماجد:
نعم اذكر هذا وأذكر أيضاً أنني وجدت كلمة المرور مكتوبة على ورقة ممزقة
بسلة المهملات في المنزل.. كُتبت بخط سارة.. ويبدو أن رعد عنفها لذلك
فقامت بتمزيق الورقة وإلقائها في السلة. ونسى أن يغير كلمة المرور.
صلاح:
أغلب المعلومات التي يحصل عليها زملائي عادة ما تكون من سلال مهملات
الشركات. خاصة تلك القريبة من مراكز المعلومات وغرف خوادم الحواسيب
"Servers". دعني أقص عليك قصة طريفة حدثت لسلطان منذ أسبوع عندما دخل أحد
الشركات ليسأل عن صديق له يعمل بمركز الحاسوب الآلي. وعندما دس يده في
صندوق النفايات الملاصق للمركز وتمكن من حمل بعض الأوراق معه وحشرها داخل
جيوبه وخرج مسرعاً ليقول للساعي أنه لم يجد الشخص الذي يبحث عنه وسيعاود
الاتصال به لاحقاً. عكف سلطان على قراءة تلك الأوراق فوجد أنها تحتوى على
مجموعة كبيرة من المعلومات التي تهمنا. ابتدءا من كلمة المرور الخاصة
بخادم الشبكة حتى فاتورة حساب أكواب الشاي لعدد 5 أشخاص مما يكشف عن عقد
اجتماع بين مبرمجي المركز والمسؤول عن الشبكة "Network administrator". إن
أدق التفاصيل يمكن أن نحصل عليها من حاويات النفايات هذه.
ماجد: الصداع يزداد بمثل هذه الحكايات.. أشعر بالبرد.. أيوجد لديك مصحف؟
صلاح: أخشى أن تكون بداية للتوبة والإيمان. وبعد قليل سنجدك تستمع لبرنامج فتاوى على الهواء.
ماجد: أرجوك لا تسخر مني.. إنني أصلي بعض الفروض وأنت تعلم ذلك.
صلاح: ولكن ليس من العدل أن تكسب أنت التوبة ونخسر نحن المال!
ماجد: اتركني وحدي يا صلاح.. لا أريد المزيد من المجادلة.. إنه قرار نهائي كما قلت لك.. لن أكمل معكم هذا الهراء.
دخل زميل آخر قوي البنية وقال في حزم بنبرة صوته الجهورية:
سلطان: ما هذا الذي سمعت أتهزأ بنا؟ راجع نفسك وإلا...
ماجد: لا يجرؤ أحد على تهديدي. إنه قرار نهائي وعليكم التنفيذ بدون نقاش.
صلاح:
واضح يا سلطان أن ماجد الشجاع زعيم المخربين صار ضعيفاً أمام نفسه وتحكمت
فيه الأحلام والهلوسة. ربما يحتاج قطعة أخرى من الشيكولاته البيضاء التي
اشتريناها أمس.
سلطان: ولكني لا أمزح الآن.. إذا لم أخذ المال الذي اتفقنا عليه فسيكون رهينة لدينا بحق.
صلاح: سلطان.. ماذا تقول؟!
نظر له ماجد بسخرية وألقى بالكوب على مقربة من رجل سلطان فتهشم تماما وتناثرت شظاياه على الأرض الرخامية. وساد جو مشحون بين الزملاء.
اقترب منهما صلاح استعداداً لفض المشاجرة والتي كادت أن تندلع لولا رنين جرس باب المنزل المتواصل.
سلطان(وهو يقترب من الباب بحذر): من؟
مجهول: الشرطة. افتح وإلا كسرنا الباب.