[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أخذت
العمة نورا تقرأ الموافقة بعناية وتدقق في شروط السفر. فلابد أن يتم خلال
شهر من تاريخ الموافقة ولا يسمح إلا بمرافق واحد للمريضة. تبادر إلى ذهنها
أن تكون هي المرافقة لكنها فضلت أن تسند لرعد القيام بهذه المهمة لأنه
يجيد اللغة الانجليزية ويستطيع متابعة حالة والدته مع الأطباء. وبدأ
الجميع يحس بشيء من الراحة، فمر اليوم في هدوء.
تتساقط زخات المطر
على نافذة رعد يوم واحد كل عام، عندما تصطدم كتل السحاب أعلي منزله فيجتمع
وهج البرق مع صوت الرعد المدوي. لكن رعد مازال يخشى ما يتردد في العائلة
بخصوص مستقبله مع وهج ولا يود فتح أي نافذة لذلك، بالرغم من أن أخيها حميد
سيذكره بها عندما يحدثه من خلال برنامج المحادثة الالكترونية بعد خمس
دقائق ليشرح له بعض الموضوعات في علوم الحاسوب. إلا أن رعد لن ينسى أن
حميد أشاع منذ فترة بين زملائه بالجامعة أن رعد يقوم ببيع الوجبات
الغذائية في موقعه على الإنترنت بسعر أعلى مما هي عليه في الأسواق. لذا
فهو لا يأنس به ولا يتوقع حدوث الخير عقب تلك المحادثات التي تستهلك وقته.
لكنه سيضطر لمحادثته من أجل إرضاء العمة فقط.
لم
يكن في الأمر أدنى مبالغة. فجميع أفراد العائلة يتكلمون منذ فترة طويلة عن
زواج رعد بوهج وكأنهم يتناولون بعض الحلوى. وعندما أرادت العمة أن تذكر
رعد بموضوع ابنها نادت عليه ليتعجل في بدء المحادثة بينما كان منشغلاً في
تكرار محاولات الاتصال بجاره عقيل علّه يذهب معه لمشاهدة المباراة كما كان
اتفاقهما، ويجد عذراً يقوله لعمته .. لكن عقيل خذله هذه المرة وبدلاً من
النوم في المدرجات، نام في بيته.
بدء رعد المحادثة الالكترونية بفتور وهو يتظاهر بأنه مشغول بأمور أخري وتأتي إجاباته بطيئة كالعادة.
حميد : اتصلت بك يا رعد أكثر من مرة للاستفسار عن بعض الموضوعات ولم تكن متواجداً!
رعد : ربما كنت في الجامعة أو اشتري بعض الوجبات الغذائية من الأسواق.
العمة ( وهي تراقب ما يكتبه رعد ): حسناً .. حميد مطلوب منه أن يكتب بحثا قصيراً عن أي موضوع يختاره من
موضوعات الحاسوب. ثم انصرفت لتؤنس الوالدة بعدما اطمأنت على بدء المحادثة.
حميد : وددت أن أسألك عن رأيك في موضوع أمن المعلومات باعتبارك متخصصاً فيه.
رعد :
لا .. أنا مجرد بائع في متجر إلكتروني. وهذا موضوع يصعب تلخيصه في بحث
صغير. لكن اقترح عليك أن تكتب عن البريد الإلكتروني. فمعظم الناس تستخدمه
ولا تعرف ماذا يحدث تحديداً عن إرسال رسالة أو استقبالها.
حميد : يبدو أنك مازلت تعتقد أني مصدر تلك الإشاعة. على كل حال أنا لا أعرف ماذا يحدث لرسالة البريد الإلكتروني!
رعد :
يتساءل الكثيرون عن كيفية عمل البريد الإلكتروني في التواصل بين المرسل
والمستقبل حول العالم، لذا أقترح أن يعنى هذا البحث بشرح أساسيات وطريقة
عمل البريد الإلكتروني بصورة مبسطة . في بداية سأوضح لك أن فكرة توصيل
البريد بين المرسل والمستقبل ليست جديدة بل تماثل الطريقة التقليدية
للبريد العادي ولكن الاختلاف يتمثل في أسلوب العمل والتنفيذ ، فتحرير خطاب
بخط اليد يقابله كتابة الرسالة على لوحة مفاتيح الحاسب الآلي بواسطة
برنامج ( مثل Outlook Express ) وجدير بالذكر أن الحروف الأبجدية التي
يفهمها الحاسب الآلي لا تزيد عن رقمين هما الواحد والصفر حيث يتكون أي حرف
هجائي من عدد ثمانية أرقام تتراوح بين الصفر والواحد – فمثلا الحرف "A"
يعرفه الحاسوب على انه (10000001) كما في النظام الثنائي، وكتابة العنوان
على ظهر الخطاب تماثل كتابة عنوان البريد الإلكتروني للمستقبل ، ووضعه في
صندوق البريد تماثل الضغط على رز الإرسال "Send" وكما يقوم مكتب البريد
بمهامه في توصيل الخطاب، كذلك يقوم الحاسوب الخادم المختص بالبريد Mail
Server"" بنفس المهمة وينقلها للانترنت من خلال بروتوكول نقل البريد
البسيط (SMTP)
"Simple Mail Transfer Protocol"، وكما ينتقل الخطاب
اليدوي من مكتب بريد إقليمي إلى آخر محلي حتى يصل في النهاية إلى مكتب
البريد الذي يقع في أقرب منطقة لإيصال الخطاب إلى العنوان المذكور فيه عن
طريق ساعي البريد ، كذلك تنتقل الرسالة الالكترونية في فضاء الإنترنت – عن
طريق أجهزة الموجهات "Routers" من حاسوب خادم "Server" إلى آخر حتى تصل
إلى الحاسب الخادم المسمي "POP3 Server" والذي يقوم بتوزيع الرسالة
الإلكترونية حسب عنوان بريديها الإلكتروني.
حميد : لا
أفهم شيئاً. معذرة سيحتاج الأمر إلى زيارة. أتعلم أني مهتم هذه الأيام
بمتابعة ما يحدث من مجاعات في دول العالم الفقيرة مثل الصومال .. فلدي
صورة تدمي القلوب .. وجدتها على موقع انترنت لنسر يتربص بطفل إفريقي هزيل
جدا وينتظر موته جوعاً حتى ينقض عليه وينهشه!
تصور أن هذه الصورة نالت لقب أفضل صورة على مستوى العالم بالرغم أن المصور انتحر بعدها بسبب قسوة الموقف الذي تعرض له!
رعد :
أنت فيلسوف ولديك جانب إنساني مدهش .. ولكن الموضوع لا يحتاج إلى زيارة.
دعني أكمل لك .. إلى أين وصلنا .. نعم .. فكما يجب إفراغ صندوق البريد من
الخطابات أولاً بأول حتى لا يحدث تكدس، كذلك يجب إفراغ البريد الإلكتروني
من الرسائل الواردة بعد كل فترة حتى يتم توفير مساحة للرسائل الجديدة،
وكثيراً ما تصادف الناس هذه المشكلة في الكثير من الاتصالات التي ترد لي
من الأصدقاء ، حيث ينسي مستخدمو البريد عادة حذف رسائلهم كبيرة الحجم ثم
يشتكون أن البريد الإلكتروني لا يستقبل الرسائل. لكن في جميع الأحوال
تأكد من استخدام برنامج مضاد للفيروسات لحماية البريد الالكتروني.
حميد : تعني أن البريد الإلكتروني يمكن أن يكون وسيلة لنقل كثير من البرامج الخبيثة ونشرها؟
رعد :
نعم .. إضافة إلى ذلك فإنه يُعد من الوسائل التي يستخدمها المهاجمون لجمع
المعلومات الشخصية والمالية الحساسة وهي عملية نصب الكتروني باستخدام شبكة
الانترنت.
حميد : أحيانا ترد رسائل غريبة على بريدي
الإلكتروني من أشخاص لا أعرفهم. أحدهم يطلب مني بياناتي الشخصية لكي يقوم
بإيداع مبلغ مالي كبير في حسابي بالبنك وآخر يعرض علي نصيب من ميراث عائلة
مات جميع إفرادها في تحطم طائرة بالولايات المتحدة مقابل الحصول على بعض
البيانات أيضاً. وهناك قصص أخرى كثيرة.
رعد : هذا ما
أقصده تحديداً. أفعل مثلما أفعل .. فعندما تأتي الرسالة من مجهول لا أقوم
بقراءتها ولكن أبدأ في البحث السريع عن رقم المبلغ المالي الضخم وغالباً
ما يكون بالدولار .. فإذا وجدت المبلغ أقوم بحذف الرسالة ولا يستغرق مني
الأمر إلا خمس ثوان فقط. فمعظم هؤلاء النصابين يكونون من الأفارقة الذين
ينتحلون أسماء وهمية وأحيانا يختارون أسماء عربية حتى لا يشك فيهم أحد.
تدخل سارة وتجلس بجوار رعد في هدوء وهي ترغب في المشاركة في المحادثة بأي وسيلة .. فتقول له:
سارة ( وهى تحدق في الشاشة ) : آه .. تتحدثون عن البريد الالكتروني. تخيل يا رعد يصلني حتى الآن كم كبير من رسائل غير مرغوب فيها والتي قلت لي أن اسمها "Spam".
رعد ( يتجاهل حديث سارة ويواصل كتابته ): موضوع أمن البريد الإلكتروني طويل ومتشعب، لا يكفي لمحادثة قصيرة كهذه
.. لذ أنصحك أن تدخل على بعض مواقع الإنترنت المتخصصة في أمن المعلومات
وتبحث عن التعليمات اللازمة لاستخدامه بصورة صحيحة. فهناك موقع متخصص في
أمن المعلومات باللغة العربية يسمى موقع مركز التميز لأمن المعلومات
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وبعد فتحه تختار قسم التوعية الأمنية ثم تختار
مقالات أمن المعلومات. الآن علي أن أخرج من المحادثة .. السلام عليكم.
يقوم
رعد ويترك المحادثة مفتوحة فتبدأ سارة في لفت انتباهه لوجودها وتقول:
سارة :
البعض يعتبرك من عباقرة أمن المعلومات في العالم العربي. وكثيراً ما أجد
اسمك يتردد في منتديات الحاسوب.. ولكن ما يحيرني أن أحياناً تتصل بك جهات
رسمية لطلب بعض المساعدات ولكنك ترفض أن نشترك معك في هذه الموضوعات. كأن
ليس من حقنا أن نعلم أي شيء يخص عملك!
رعد ( وهو يربت على كتفيها ) : ستعرفين لاحقاً يا سارة. دعينا نفكر الآن في مرض الوالدة. ثم راح يفكر في الأوراق اللازمة وترتيبات للسفر لأمريكا.
جلس أفراد الأسرة كالعادة في انتظار شاي الساعة الخامسة إلا أن سارة عادت مسرعة من غرفة ماجد وهي تقول بأنفاس متلاحقة لعمتها :
سارة : ماجد ليس نائما كما نظن .. إن فراشه مرتب كما أعددته أمس. يبدو أنه لم يعد إلى المنزل منذ خروجه مع بعض أصدقاءه أمس!
العمة : لابد أن مكروه قد حدث له .. اتصل يا رعد بالشرطة حالاً .. ربنا يستر.
رعد : أمهلوني دقيقة واحدة فقط .. لابد أن حاسوبه يحتوي على آخر ما دار بينه وبين أصدقاءه.
العمة : الأمر لا يحتمل التأخير. ماذا سنقول لأمه إذا استيقظت وسألت عنه؟
سارة :
آه لقد تذكرت شيئاً هاماً .. سمعت ماجد يقول لصديقه في الهاتف وهو يدخل
غرفته .. أنه سيلقن سامي يحيى درساً لن ينساه .. ثم أغلق عليه الباب ولم
استطع سماع بقية حديثه.
رعد : لن أضيع الوقت ولكن علينا أن نلقي نظرة على ما يكتبه .. ولحسن الحظ أن حاسوبه به برنامج
"Spector Pro" والذي يقوم بتسجيل كل ما يدور في جهازه الشخصي. سيساعدنا
ذلك في معرفة ماذا عمل ماجد في الجهاز طول اليوم ،وماذا تصفح، وماذا زار
من مواقع، وما هي البرامج التي استخدمها. ولابد أننا سنجد محادثاته
الأخيرة مع صديقه الذي كان يكلمه هاتفياً أو البريد الإلكتروني الذي أرسله
له.
أخذ رعد يضيف وهو يشغل الحاسوب :
رعد :
مميزات هذا البرنامج وغيره من البرامج مثل "Golden Eye" و "Tasker" أنها
تقوم بتسجيل كل ضربات المفاتيح بسرعة فائقة وبدون أن يشعر من يكتب. لم
تستطع العمة تحمل سماع التفاصيل التقنية التي يقولها رعد .. فأسرعت إلى
الهاتف واتصلت بالشرطة.
أثناء تفحص رعد لكتابات ماجد رن الهاتف الجوال الخاص به.
رعد ( بإضطراب ) : ألو .. ألو ... من معي؟ من الذي يتحدث؟!
مجهول
: اسمعني جيداً. ماجد لدينا معزز مكرم. وحتى نعيده إلى منزلكم حياً، عليكم
دفع مائتي ألف دولار. ولن أكرر ما سمعته. أمامكم أسبوع واحد فقط لتدبير
المبلغ وإلا أخذنا حقنا منه.ستجد بعض الطلبات الأخرى في رسالة أرسلناها لك
على بريدك الإلكتروني. لا تحاول الاتصال بالشرطة وإلا فقدته للأبد.