[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] يقولون
أن الشمس تشرق دوما من الشرق .. إلا في حجرتي .. نعم .. فكل يوم يتسلل
شعاعها الدافئ من النافذة الصغيرة أعلى حجرتي و ينعكس نوره على مرآة
علقتها بزاوية ميل لأسفل على الجدار المقابل لها حتى يوقظني يومياً في
تمام الساعة السابعة صباحاً .. يبدو أن اليوم مليءبالمفاجآت .. لكن ما
يؤرقني هو ذلك الحلم الغريب .. لا بأس ولا يأس .. طالما أن والدتي بخير
فالأمل يملأ صدري كلما تنفست ضوء الصباح .. المفاجأة الأولى هي أن ابنة
عمتي ستأتي مع أبيها . ربما تحتاج إلى شرح بعض الدروس في علوم الحاسب ..
أما المفاجأة الثانية فهي أنني لن أكون موجوداً وقتها .. فلدي زيارة إلى
الجامعة وبعدها سأركب بساط علاء الدين لألحق بالمباراة النهائية مع عقيل
.. الطريف أنه ينام وسط المدرجات وقت المباريات ويستيقظ كل فترة ليسأل عن
النتيجة ثم يعود فيتثاءب مرة أخرى وينام !
لكنه
يعشق الساحرة المستديرة منذ طفولته .. يجلس على مقعدين بسبب بدانته وأظل
وافقاً طوال المباريات أتطلع إلى وجوه الجماهير لأقرأ النتيجة .. أتذكر
أنني في أحد المرات سألت مشجعاً متحمساً كان يجلس بجواري عن سبب ركض
الفريقين خلف كرة واحدة .. أيعني هذا وجود ندرة في عدد الكرات ؟! ما
المانع في أن يأخذ كل فريق الكرة التي تخصه وبذلك نحل المشكلة .. لكن
المشجع المتعصب رمقني بنظرة استخفاف وهم أن يطردني من المدرجات لولا تدخل
بعض المشجعين بينما كان عقيل يغط في نوم عميق كالعادة حتى تنبه عندما أطلق
الحكم صفارته معلناً انتهاء المباراة .. كم كانت ذكريات جميلة .
هذه المرة سأصطحب كمبيوتري المحمول ، فلدي بعض المهام التي لم انتهي منها بعد .
أما
أغرب المواقف التي حدثت معي أثناء المباريات فحدث منذ أربعة أعوام عندما
كنت أشاهد فريق ريال مدريد يلعب أمام الفريق الذي يشجعه عقيل في مباراة
اعتزال نجم سعودي كبير . آه .. لا أتذكر الأسماء .. لكن وقتها كنت متحمساً
لفكرة سيطرت علي تماماً فصممت على تنفيذها .. صحبت عقيلا وأسرعنا بدخول
غرفة خلع ملابس اللاعبين بين الشوطين .. تلفت يمينا وشمالا لأبحث عن
المدرب الأجنبي لفريق ريال مدريد حتى وجدته محاطاً بلاعبيه يحرك يديه
بعصبية كأنه يوبخهم . وقتها تركت عقيلا واقتحمت الدائرة لأجد نفسي أقف
وجها لوجه أمام المدرب .. لم أعطه الوقت الكافي للاندهاش من فعلتي هذه
وقلت له :
رعد : ايها المدرب .. لدي خطة عبقرية للفوز
.. باختصار .. إذا طبق فريقكم فكرة حصان طروادة "Trojan Hours" في الشوط
الثاني فسوف تتمكنون بسهولة من حسم المباراة لصالحكم والحفاظ على سمعة
فريقكم العالمية .
لاحظت تغير ملامح المدرب وبدأ لونه يميل تدريجياً للاحمرار .. فأكملت حديثي قائلاً :
رعد :
حصان طروادة هو اسم لأسطورة قديمة مفاداها أن جيش أحد مدن الإغريقأهدى
حصاناً خشبياً كبيراً لعدوه ، وعندما قبله العدو وجاءوا به إلى بلدتهم ،
وفي الليل فُتح الحصان فخرج منه جنود استطاعوا السيطرة على البلدة ..
بالطبع في المباراة سيخرج لاعبوكالإضافيين من الحصان ويستطيعون حسم
المباراة في دقائق .
في الحقيقة لم أدر ماذا حدث لي بعد ذلك ولكني وجدت
نفسي محمولاً على ذراعي عقيل وهو يسرع بأنفاس متلاحقة لطبيب الفريق ..
مجرد بعض الكدمات أسفل العينين .. وبمجرد شعوري بتحسن طفيف قفزت مثل
الكنغر الاسترالي وذهبت للمدرب مرة أخرى وكان يتابع أداء فريقه في الدقائق
الأخيرة من الشوط الثاني .. لقد تعلمت ألا أجادل رجلاً غاضباً خاصة إذا
كان الأمر يتعلق بأمر هام ككرة القدم .. أخرجت ورقة وقلم من قميصي وكتبت
له خطاباً وسلمته له في وداعة وانصرفت أتابعه من بعيد وهو يفتح الورقة
ليقرأها .
" أيها المدرب .. لا تغضب مني هذه المرة .. لقد فهمت أن
خطتك دفاعية وليست هجومية .. لذا أقترح عليك عمل جدار حماية "Firewall" من
اللاعبين وسط الملعب حتى لا يتمكن الفريق المنافس من اختراق أرضك .. فجدار
الحماية هو الحل المتاح لسد جميع المنافذ "Ports" في خط دفاعك التي يتمكن
المنافسين من استغلالها والتحرك في المساحات المكشوفة في أرض ملعبك .
كما
سيمكنك ذلك من التحكم بطريقة أفضل في خطتك للفوز بالمباراة عن طريق تنفيذ
الهجمات المرتدة لتتمكن من هز شباك منافسك . لا تتعجب .. إنني أفعل ذلك
على حاسوبي الشخصي حتى أضمن وقف جميع الهجمات الخارجية وإحباط محاولات مسح
منافذ الجهاز والدخول غير الشرعي عليه . ثم إن ذلك يفيدني في وقف أحصنه
طروادة وبرامج التجسس والبرامج الخبيثة المتخفية باسم ملفات مألوفة
والبرامج المرتبطة ببرامج مهمة لتتمكن من الاتصال تحت ستارها فضلاً عن
حماية البريد الالكتروني . لذا اشتريت النسخة الأصلية من برنامج
ZoneAlarm" Pro " وهو برنامج الحماية الشهير والرائع .. يمنع اتصال أي
ملف في جهازك بالانترنت إلا بموافقتك ويحميك من الاختراق . ولدي بعض
الأصدقاء يستخدمون برامج مجانية كجدر حماية مثل "Sygate Personal Firewall
PRO" وهو برنامج معروف ضد المخترقين ، يشكل هذا البرنامج جدار حماية
لجهازك مقدما له الحمايةبالإضافةإلى قدرته على حماية الجهاز من أحصنة
طروادة و ملفات التجسس و الديدان و غيرها من الملفات المعروفهأو غير
المعروفه يؤمن لكحمايةكاملة .
أيها المدرب الكبير .. آسف على الإطالة
.. ولكن ما أود أن أقوله هو أنه لا فرق بين الخطط التي تلعبون بها في
مباريات كرة القدم والخطط التي ننفذها نحن في مجال أمن المعلومات للدفاع
عن حواسيبنا من التطفل والتخريب والتجسس .
فالهدف مشترك وهو منع تسلل
الآخرينإليناوالانتصار عليهم .. ولكنكم تمارسون لعبة بينما نحن لا نلعب ..
فأعمال المخترقين تقومون بها عندما تتسللون إلى أرض الفريق المنافس
وتحرزون الأهداف .. فارق واحد بين الحالتين .. أنتم تتنافسون بشرف ورقي
وأخلاق رياضية أما المخترقين فلا قيم لديهم ويستمتعون كلما الحقوا الأذى
بالآخرين ! ".
وبعد أن أتم المدرب قراءة الورقة فوجئت بأغرب قرار يمكن
أن يتخذه مدرب في التاريخ ! .. لقد قررإشراكي في الدقائق الأخيرة المتبقية
من عمر المباراة بالرغم من تذمر لاعبيه وسط دوي الجماهير الغفيرة ..
ارتديت ملابس فريق ريال مدريد ونزلت أرض الملعب أتحسس الخضرة المزروعة
لأول مرة عندما أشار إلي رجل يقف بخط الملعب ويرتدي ملابس مختلفة عن باقي
اللاعبين .
المشكلةإننيعلمت بعد ذلك إنني اخترت أن ارتدي نفس
رقمالملابس الخاصة بلاعبهم العالمي الشهيروالذي جاءت الجماهير خصيصاً
لتتفرج على المهارات الرائعة لهذه الموهبة الفذة وهويتألق وسط الأضواء
الكاشفة.. في البداية احترتإلى أين أذهب و ماذا سأفعل بالكرة إذا وجدتها
أمامي.. حقيقة أحسست بأنني مجرد دودة "Worm" تتحرك فوق المستطيل الأخضر
وقررت أن استخدم ما أعرفه في أمن المعلومات وأفعل مثلما تفعل الديدان في
الحاسوب حتى أعيق الفريق الآخر من تحقيق هدفه .. فإذا كانت الديدان هي
برامج حاسوبية خبيثة و مضرة تتنقل بين الحواسيب بعدة طرقو تمتاز عن
الفيروسات باعتمادها على نفسها لتتكاثر و بسرعة الانتقال و صغر الحجم ..
فسأفعل ذلك .. نعم سأجرى هنا و هناك لأربك اللاعبين و لن أقوم بفعل أيشيء
يضرهم مباشرة مثل الاحتكاك أو العرقلة من الخلف .. إن سرعة تنقليفي الملعب
بدون كرة هو كل ما يمكنني فعله .
وعندما رفع الجناح الأيسر الكرة عاليا
في ناحية مرمى الفريق المنافس جريت بأقصى سرعة في اتجاه الخلف ناحية ملعبي
فتبعني ثلاثة من المدافعين تاركين مساحة واسعة في مراكزهم ، ظنا منهم أنني
لاعب ماكر يتحرك تحركات ذكية في الملعب .. حتى وصلت الكرة لرأس مهاجم
فريقنا فأودعها بسهولة في الشباك على يمين حارس المرمى بدون أن يجد من
يعترضه محرزا الهدف الأول وسط تصفيق الجماهير و هتافهم لي .. أقصد للاعب
الشهير كما ظن الناس والذي لم تسمح ظروفه بالمشاركة في المباراة .. وفي
آخر دقيقة طلبت من اللاعبين تنفيذ طلبي الوحيد وعمل جدار حماية لصد ضربة
حرة غير مباشرة للفريق المنافس .. وبالفعل تمكن الجدار من امتصاص الكرة
وركلها بعيداً حتى أطلق حكم المباراة صفارته معلناً فوز ريال مدريد . و
منذ ذلك اليوم صرت صديقا للمدرب الأجنبي .. أبعث له برسائل الكترونية
ونتذكر سوياً غرابة ما حدث ..
لكنيتوقفت عند تصفيق الناس لكل ماهو
أجنبيوانبهارهم به ، حتى لو كان اللاعب الذين يتوهمون موهبته ليس إلا شاب
لا يعرف أي شيء عن كرة القدم !.
ترك رعد الكتابة و خرج من غرفته فوجد
عمته مازالت نائمة على الأريكة و أمامها ثلاثة أكواب بها آثار القهوة فبدر
إلى ذهنه تساؤل : "لماذا ستأتي وهج مع أبيها لمقابلتي مع أنه يمكنها
الاتصال هاتفيا و الاستفسار عن اى شيء كما كانت تفعل و لماذا تلح على
والدتي بالارتباطبهذه الفتاه أخشى أن يكون لقدومها سبب آخر غير المذاكرة
؟"
ثم خرج إلى الجامعة ليقابل صديقه د. هاشم كما وعده بعد أن طبع قبلة على جبين والدته .
اعتادت
الأسرة على الاجتماع لتناول شاي الساعة الخامسة عصراً كما يفعل الانجليز
وإن كانت سارة تقدمه يوميا في تمام السادسة ليس بسبب كسلها ولكن لنقص
الموارد اللازمة من سكر وخلافه . ودائماً ما يعاتبها ماجد ويقول مازحاً
أنه إذا رغب في استيراد الشاي من أمريكا لكان أفضل للجميع ولوصل أسرع منها
.
غير أن العمة نور اليوم لم تترك الدعابة تمر كما كانت تفعل ولكنها فاجأت الجميع وقد ارتسمت علامات الجدية على وجهها وهى تقول :
العمة نور : أولاد .. اسمعوني جيداً .. ادعو معي أن يتحقق ما قاله ماجد وأن نسافر إلى أمريكا قريباً .
رعد
: لا عليك يا عمه انه يمزح .. نحن نقاطع المنتجات الأمريكيةوالغربية عامة
.. ولكن ماجد وأصحابه لا يستطيعون العيش بدون وجبات الهامبورجر ولا .....
قاطعته سارة وهي تظن أن الحديث مجرد دعابة .
سارة (ضاحكة ) : وأنا أيضا سأقاطع طفلي إذا كان سيحمل الجنسية الأميركية مثل والده .
ردت العمة في تجهم :ولكني لا أمزح الآن .. يجب أن تعرفوا من الآن فصاعداً أن الحالة الصحية
لوالدتكم أصبحت حرجة وتتطلب العلاج في الخارج .. لقد سهرت طوال الليل أفكر
فيما سأقوله لكم ولكن يجب أن تكونوا معي في تحمل المسؤولية .. ألم تسأل
نفسك يا رعد لم تركت بيتي وأبنائيلأعيش معكم ؟! .. والدتكم تحتاج إلى
العلاج في أمريكا تحديداً حيث يتوفر أطباء بارعون في جراحة المخ والأعصاب
. لذا فقد تقدمت بطلب إلى الجهات المختصة لقبول علاجها في الخارج على نفقة
الدولة .. سأعطيك يا رعد رقم الطلب وأريدك أن تتابع النتيجة يومياً من
خلال موقعه على الانترنت .
مرت الليلة كغيمة مشبعة بالدموع والحزن ،
فلم يذق أحد طعم النوم ولا الشاي .. ولم يعد شعاع الشمس الدافي يتسلل
كعادته في حجرة رعد .. أما الوالدة ففضلت قراءة القرآن بصوت هامس وبجوارها
يجلس أبناؤها على أطراف السرير وهم واجمون.. وفي ساعات الصباح الأولى خرج
رعد من غرفته مهرولاً وهو ينادي عمته بإلحاح . ويحمل في يده نتيجة طلب
علاج والدته بالخارج . وما هي إلا دقيقة حتى التفت الأسرة من جديد حول
أكواب الشاي الباردة وهم يتخطفون الورقة التي طبعها رعد حتى كادت أن تتمزق
.